كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فمن قرأ: {حَامِئَةٍ} يعني: جائرة، ومن قرأ بغير ألف يعني: من طينة سوداء منتنة.
وروي أن معاوية قرأ: {فِى عَيْنٍ} فقال ابن عباس: ما نقرؤها إلا حمئة، فسأل معاوية عبد الله بن عمرو: كيف تقرؤها؟ فقال: كما قرأتها.
قال ابن عباس: في بيتي نزل القرآن، فبعث معاوية إلى كعب يسأله: أين تجد الشمس تغرب في التوراة؟ قال: في ماء وطين وقال: في مذرة سوداء.
قال القتبي {عَيْنٍ حَمِئَةٍ} ذات حمات، والحامية حارّة.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع {فَأَتْبَعَ} بتشديد التاء وكذلك ما بعده وقرأ الباقون فأتبع بنصب الألف وجزم التاء بغير تشديد.
{وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا}، أي عند العين التي تغرب فيها الشمس مؤمنين وكافرين فظهر عليهم.
{قُلْنَا ياذا ذَا القرنين}؛ قال مقاتل: أوصى الله تعالى إليه، وقال ابن عباس: ألهمه الله تعالى.
{إِمَّا أَن تُعَذّبَ}، يعني: أن تقتل من كان كافرًا؛ {وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا}، يعني: تنعم عليهم وتغفر لمن كان مؤمنًا؛ وقال بعضهم: كانوا كلهم كفارًا قيل له: إما أن تعذب من لم يؤمن، وإما أن تتخذ فيهم حسنًا لمن آمن.
{قَالَ} ذو القرنين: {أَمَّا مَن ظَلَمَ}، أي كفر بالله، {فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ}؛ أي نقتله إن لم يتب.
{ثُمَّ يُرَدُّ إلى رَبّهِ} في الآخرة، {فَيْعَذّبُهُ} في النار {عَذَابًا نُّكْرًا}؛ يقول شديدًا.
{وَأَمَّا مَنْ امَنَ} صدق بالله، {وَعَمِلَ صالحا} فيما بينه وبين الله تعالى، {فَلَهُ جَزَاء الحسنى}.
قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص {جَزَاء} بنصب الألف والتنوين، وقرأ الباقون بضم الألف بغير تنوين؛ فمن قرأ بالنصب فمعناه أن له الحسنى جزاء، صار الجزاء نصبًا للحال؛ ومن قرأ بالضم جزاءً للإضافة بغير جزاء إحسان.
{وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا}، أي سنعد له في الدنيا معروفًا عدة، ويقال: وسنقول له قولًا جميلًا.
{ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا}، أي أخذ طريقًا.
وقال القتبي: السبب أصله الحبل، ثمّ كل شيء توصلت به إلى موضع أو حاجة فهو سبب.
تقول: فلان سببي إليك، أي وصلتي، وتسمى الطريق سببًا، لأنه يصل إلى الموضع الذي يريده.
{حتى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشمس وَجَدَهَا تَطْلُعُ على قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مّن دُونِهَا سِتْرًا}، أي لم يكن لهم من دون الشمس شيء يظلهم، لا شجر ولا جبل ولا ثوب، إلا عراة عماة عن الخلق؛ وكانوا في مكان لا يستقر عليه البناء وقال قتادة: يقال إنهم الزنج، وكانوا في مكان لا ينبت فيه نبات، وكانوا يدخلون سربًا إذا طلعت الشمس، حتى تزول عنهم ويخرجون في معايشهم.
{كذلك} يعني: هكذا بلغ مطلع الشمس أيضًا، كما بلغ مغربها.
ثم استأنف فقال: {وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا}، أي بما عنده علمًا.
وهذا قول مقاتل {كذلك} أي: كما أخبرتك بهذا الخبر، كذلك كان علمنا محيطًا به قبل ذلك.
{ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا}، أي أخذ طريقًا.
{حتى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ}، أي بين الجبلين؛ قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر {السَّدَّيْنِ} بضم السين وكذلك الثاني والذي في سورة يس، وروى حفص عن عاصم أنه نصب كله، وابن كثير وأبو عمرو نصبا هاهنا ورفعا في يس، وحمزة والكسائي رفعا بين السدين ونصبا ما سوى ذلك وقال بعض أهل اللغة: ما كان مسدودًا خلقة فهو سَد بالنصب، وما كان بعمل الناس فهو سد بالضم.
وروي عن ابن عباس ومجاهد وقيل: إن المراد هاهنا طرفا الجبل.
{وَجَدَ مِن دُونِهِمَا}، أي من قبل الجبلين {قَوْمًا لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا}، أي كلامًا غير كلامهم ولسانًا غير لسانهم.
قرأ حمزة والكسائي {يَفْقَهُونَ} بضم الياء وكسر القاف، يعني: أن كلامهم لا يفهمه أحد غيرهم؛ وقرأ الباقون {يَفْقَهُونَ} بالنصب، يعني: أنهم لا يفقهون قول غيرهم.
{قَالُواْ يا ذَا القرنين إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ في الأرض}، أي يخرجون إلى أرضنا ويأكلون رطبنا ويحملون يابسنا ويقتلون أولادنا.
وكان يأجوج رجلًا ومأجوج رجلًا، وكانا أخوين من بني يافث بن نوح، فكثر نسلهما فنسب إليهما.
ويقال: سمي يأجوج ومأجوج لكثرتهم وازدحامهم، لأنهم يموجون بعضهم في بعض.
{فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا}؛ قرأ عاصم: {يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ} بهمز الألف، وقرأ الباقون بغير همز، وقرأ حمزة والكسائي {خَرَاجًا} بالألف وقرأ الباقون {لَكَ خَرْجًا} بغير ألف، ويقال: الخراج هو الضريبة، والخرج هو الجعل؛ ويقال: أحدهما اسم والآخر مصدر.
{على أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا سَدّا}، أي حاجزًا.
فـ: {قَالَ} ذو القرنين: {مَا مَكَّنّى فِيهِ رَبّى خَيْرٌ}؛ قرأ ابن كثير {مَا} بنونين وهو الأصل في اللغة، وقرأ الباقون {مَا مَكَّنّى} فأدغم إحدى النونين في الأخرى وأقيم التشديد مقامه، أي ما ملَّكني وأعطاني فيه ربي من القوة والمال خير من جعلكم في الدنيا، ويقال: ما يعطيني الله تعالى في الأخرى من ثواب خير.
{فَأَعِينُونِى بِقُوَّةٍ} قالوا: وما تريد؟ قال: آلة العمل وهي آلة الحدادين.
{أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا}.
قالوا: وَمَا هِيَ؟ قال: {زُبَرَ الحديد حتى}، أي قطع الحديد {أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ سَدّا} قرأ عاصم في إحدى الروايتين {إيتُونِي} على معنى جيئوني، وقرأ الباقون {رَدْمًا ءاتُونِى} بمد الألف أي أعطوني.
فأتوه بقطع الحديد فبناه.
{حتى إِذَا ساوى بَيْنَ الصدفين}؛ قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر {الصدفين} بضم الصاد والدال، وقرأ عاصم بضم الصاد وجزم الدال، وقرأ الباقون بنصب الصاد والدال؛ وهما ناحيتا الجبل.
فأخذ قطع الحديد وجعل بينهما حطبًا وفحمًا، ووضع المنافخ وقال: انفخوا.
فنفخوه حتى صار كهيئة النار.
ثم أتى بالصفر ويقال بالنحاس، فأذابه وأفرغ عليه حتى صار جبلًا من حديد ونحاس، فذلك قوله: {حتى إِذَا ساوى بَيْنَ الصدفين} أي بين الجبلين.
{قَالَ انفخوا}، فنفخوا.
{حتى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا}، أي صيَّر الحديد نارًا، {قَالَ اتُونِى أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا}، وهو الصفر المذاب أصبُبْ عليه.
قرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة {قَالَ ائتونى} بجزم الألف والباقون بالمد {فَمَا اسطاعوا}، أي فما قدروا {أَن يَظْهَرُوهُ}، يعني: أن يعلوا فوق السد.
{وَمَا استطاعوا لَهُ نَقْبًا}، أي ما قدروا على نقب السد.
ويقال: {مَا استطاعوا لَهُ نَقْبًا} أي ما تحت السد في الأرض، لأنه بناه في الأرض إلى السماء.
قال الفقيه رضي الله عنه: حدّثنا عمرو بن حمد قال: حدّثنا أبو بكر الواسطي قال: حدّثنا إبراهيم بن يوسف قال: حدّثنا أبو حفص، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَ الرَّدْمَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، حَتَّى إذا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْس، قَالَ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فَسَنَحْفِرُهُ غَدًا، فَيُعِيدُهُ الله كَمَا كَانَ. حَتَّى إذا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ، قَالَ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فَسَنَحْفِرُه غَدًا إنْ شَاءَ الله تعالى. فَيَعُودُونَ إلَيْهِ، فَإذا هُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ، فَيَحْفِرُونَهُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ فَيَسْتَقُونَ المِيَاهَ وَتُحَصَّنُ النَّاسُ فِي حُصُونِهِمْ، فَيَبْعَثُ الله عَلَيْهِمْ نغفًا فِي أَقْفِيَتِهِمْ فَيُهْلِكُهُمُ الله بِهَا». وروى أبو صالح، عن ابن عباس أن يأجوج ومأجوج لا يموت الرجل منهم حتى يلد لصلبه ألف ابن، وذكر أن يأجوج ومأجوج، كما ذكرنا، وهما ابنا يافث بن نوح، فإذا انكسر السد، وذلك عند اقتراب الساعة، يخرجون فيمرون ببحيرة طبرية بأرض الشام وهي مملوءة ماء فيشربها أولهم، ثم يمر آخرهم فيقولون لقد كان هاهنا مرة ماء.
قال: والسد نحو بنات نعش، ثم يمرون بالبحر فيأكلون ما في جوفه من سمك وسرطان وسلحفاة ودابة، ثم يأكلون ورق الشجر، ويأكلون ما في الأرض من شيء، ويهرب الناس منهم فيقتلون من قدروا عليه، ولا يستطيعون أن يأتوا أربعة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد بيت المقدس، ومسجد طور سيناء.
ثم لا يرون على الأرض غيرهم، ثم يقولون: لقد قتلنا أهل الأرض وبقي أهل السماء، فيرمون سهامهم نحو السماء فتصيب الطير في جو السماء، فترجع سهامهم مختضبة بالدماء فيقولون: لقد قتلنا أهل السماء وأهل الأرض ولم يبقَ غيرنا.
فيبعث الله تعالى عليهم دودًا يُسمَّى النغف، فيدخل في آذانهم فيقتلهم، فتنتن الأرض من جيفهم، ثم يرسل الله تعالى أربعين يومًا حتى يحمل السيل جيفهم فيرميها إلى البحر، ويعود البحر كما كان.
قرأ حمزة {فَمَا اسطاعوا} بتشديد الطاء والباقون بالتخفيف.
فلما فرغ ذو القرنين من بناء السد.
{قَالَ هذا رَحْمَةٌ مّن رَّبّى}، أي هذا السد رحمة من ربي عليكم.
{فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبّى}؛ يقول: إذا جاء أجل ربي، {جَعَلَهُ دَكَّاء} يعني كسرًا.
قرأ أهل الكوفة {دَكَّاء} بالمد، وقرأ الباقون بالتنوين {دَكًّا} إذا لم يكن لها سنام.
{وَكَانَ وَعْدُ رَبّى حَقًّا}، أي صدقًا وكائنًا بخروجهم.
{وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ في بَعْضٍ}، أي يحرك في بعض وراء السد، {وَنُفِخَ في الصور}؛ قال أبو عبيدة: تنفخ الأرواح في الصور، وقال عامة المفسرين: يعني: ينفخ إسرافيل في الصور.
وهذا موافق لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَهُ وَحَنَى جَبْهَتَهُ عَلَيْهِ وَيَنْتَظِرُ مَتى يُؤْمَرُ فَيَنْفُخُ فِيهِ» {فجمعناهم جَمْعًا}، أي يوم القيامة نجمع يأجوج ومأجوج وجميع الخلق.
{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ}، أي كشفنا الغطاء عنها قبل دخولهم جهنم.
{للكافرين عَرْضًا}، أي كشفًا ويكون المصدر لتأكيد الكلام.
ثم نعت الكافرين فقال: {الذين كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ}، أي أعين الكافرين {فِى غِطَاء عَن ذِكْرِى}، أي في عمى عن التوحيد والقرآن فلم يؤمنوا.
{وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا}، أي استماعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من بغضه وعداوته.
{أَفَحَسِبَ الذين كَفَرُواْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِى مِن دُونِى أَوْلِيَاء}، يعني: أن يعبدوا غيري؛ ومعناه لا يحسبن الكافرون بأن يتخذوا أولياء يعبدون معي شيئًا، لأن المشركين كانوا يدعون بعض المؤمنين إلى الشرك وهذا كقوله: {إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سلطان إِلاَّ مَنِ اتبعك مِنَ الغاوين} [الحجر: 42]، ويقال: ومعناه أفيظن الذين كفروا أن يعبدوا عبادي، يعني: الملائكة وعزيرًا والمسيح، من دوني أولياء، يعني: أربابًا، ومعناه يظنون أنهم لو اتخذوهم أربابًا تنفعهم عبادتهم ويفوتون من عذابي.
ثم بيّن عذابهم فقال: {إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ للكافرين نُزُلًا}، أي منزلًا.
روي عن علي بن أبي طالب أنه قرأ: {أَفَحَسِبَ الذين كَفَرُواْ} بجزم السين وضم الباء، معناه أيكفيهم مني ومن طاعتي أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء فحسبهم جهنم {إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ للكافرين نُزُلًا} أي منزلًا.
{قُلْ هَلْ نُنَبّئُكُم بالاخسرين أعمالا} يعني: الخاسرين أعمالهم، {الذين ضَلَّ سَعْيُهُمْ}؛ أي بطلت أعمالهم {الذين ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الحياة الدنيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ}، أي يظنون أنهم يفعلون فعلًا حسنًا.
قال علي بن أبي طالب: هم الخوارج؛ وهكذا روي عن أبي أمامة الباهلي؛ وروي عن سلمان الفارسي أنه قال: هم رهبان النصارى أهل الصوامع، وهكذا قال مقاتل.
{أُوْلَئِكَ الذين كَفَرُواْ بئايات رَبّهِمْ}، أي بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن {وَلِقَائِهِ}، أي البعث بعد الموت.
{فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ}، أي بطلت حسناتهم، {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القيامة وَزْنًا}؛ أي لا توزن أعمالهم مثقال ذرة، ويقال: لا نقيم لأعمالهم ميزانًا.
{ذَلِكَ جَزَاؤُهُم}، أي هكذا عقوبتهم.
{جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ واتخذوا ءاياتى وَرُسُلِى}، أي القرآن ومحمدًا صلى الله عليه وسلم {هُزُوًا}، أي استهزاء.
{إِنَّ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات كَانَتْ لَهُمْ جنات الفردوس نُزُلًا}، أي منزلًا.
وقال مقاتل: الفردوس بلغة الروم البساتين عليها الحيطان، وقال السدي: الأعناب بالنبطية؛ وروى الحسن، عن سمرة بن جندب قال: الفردوس ربوة خضراء من الجنة هي أعلاها وأحسنها؛ وقال الكلبي: جنات الفردوس من أدنى الجنان منزلًا؛ وروى أبو أمامة الباهلي قال: الفردوس سرة الجنة أي أوسطها.
{خالدين فِيهَا}، أي دائمين فيها.
{لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا}، أي تحولًا رضوا بها وبثوابها.
وقال بعض المفسرين تمام النعمة أنهم لا يتمنون التحول لأنهم لو تمنوا التحول عنها لتنقص النعم عليهم.
{قُل لَّوْ كَانَ البحر مِدَادًا لكلمات رَبّى}؛ وذلك أن اليهود قالوا: يزعم محمد أن من أوتي الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا، ثم يزعم ويقول: {وَيَسْألُونَكَ عَنِ الروح قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّن العلم إِلاَّ قَلِيلًا} [الإسراء: 85] فكيف نوافق الخير الكثير مع العلم القليل؟ فنزل: قل يا محمد: {لَّوْ كَانَ البحر مِدَادًا لكلمات رَبّى} يكتب به، {لَنَفِدَ البحر} وتكسرت الأقلام، {قَبْلَ أَن تَنفَدَ كلمات رَبّى}؛ أي لا تنفد كلمات ربي.